بعد التأكد من فوز السيناتور بامرءل أو باما بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة الأمريكية بدأت معركة الانتخابات الرئاسية بينه وبين الحزب الجمهوري.. أكد تقرير لوكالة أنباء الشرق الأوسط "أ ش أ" أمس أن السيناتور جون ماكين مرشح الحزب الجمهوري بدأ الحملة مبكراً باتهامه ل "أوباما" بأنه يمثل لا التغيير السيء علي حد قوله فذلك في اشارة الي صلته التي ترفع شعار التغيير.
في المقابل. أعلن أوباما أن خلافه مع ماكين ليس شخصيا بل سياسيا. وقال عقب فوزه "أرحب بماكين وأقدر إنجازاته. وإن رفض هو الاعتراف بإنجازاتي". ورأي أوباما أن الخلاف بينهما يكمن في "وقوف ماكين مع بوش في 98% من المناسبات أمام الكونجرس ونيته المحافظة علي سياساته الاقتصادية والاجتماعية. وأن خطته حيال العراق لأربعة أعوام مقبلة لا تشكل تغييرا".
ويري بعض المتخصصين في الشؤون الأمريكية أن فوز أوباما. وليس كلينتون. بترشيح الديمقراطيين قد زاد من الفوارق المختلفة بين الحزبين. سواء علي صعيد السياسات الداخلية أو الخارجية.
ورغم ذلك. تجمع معظم الآراء علي أن الوافد الجديد للبيت الأبيض سيحمل أعباء ثماني سنوات خلت. قادت في النهاية إلي انقسام حاد بين الأمريكيين ربما لم يعرفوه من قبل. وتحديدا حول أمور السياسة الخارجية. وذلك علي ضوء فشل إدارة الرئيس جورج بوش في الحرب علي الإرهاب والفشل والعسكري والسياسي في العراق وأفغانستان. وتراجع صورة أمريكا في أنحاء العالم. وعدم محاولة هذه الإدارة السعي لإيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلا في عامها الأخير.
ويعتقد بعض المحللين الأمريكين أن الفروق الشخصية بين الرجلين سوف يكون لها آثارها في إدارة حملتيهما الانتخابيتين. وفي طبيعة السياسات التي سيتبعها أيهما حال وصوله البيت الأبيض.
فبالنسبة لماكين. فإنه يقدم صورة لرجل ذي خبرة سياسية كبيرة تعود للعام 1982 حينما انتخب نائبا في مجلس النواب عن ولاية أريزونا. ثم أصبح نائبا في مجلس الشيوخ منذ العام 1986 وحتي اليوم. كما أنه أقدم الأعضاء عمرا في لجنة الخدمات العسكرية بمجلس الشيوخ.
بيد أن الرجل هو في الأصل ذو خلفية عسكرية. إذ تخرج في الأكاديمية البحرية في أنا بوليس في ولاية ميرلاند عام .1958 وبدأ حياته العملية كضابط طيار في سلاح البحرية الأمريكية وعمره 22 عاما. ومثلت حرب فيتنام أبرز مراحل حياته حيث كان سجين حرب عامي 1969 و 1973 في فيتنام. إثر سقوط طائرته في شمال فيتنام. وثم إطلاق سراحه بعد انتهاء هذه الحرب.
وقد عين ماكين في عام 1976 في مجلس الشيوخ كحلقة للتواصل بين سلاح البحرية والمجلس. ما جعله يحتك عن قرب بالوسط السياسي حتي تقاعد من منصبه هذا في عام .1981
ويري بعض المحللين أن عمر ماكين "71 عاما" يشكل سلاحا ذي حدين بالنسبة له كمرشح رئاسي. إذ أن ذلك يؤهله كخبرة عملية ودراية أكبر بالشؤون السياسية. لكنه في ذات الوقت يجعله أكبر رؤساء أمريكا عمرا إذا تولي الرئاسة في عام .2009
أما باراك أو باما المولود في عام 1961 في ولاية هاواي لأب كيني مسلم أسود وأم أمريكية بيضاء من ولاية كنساس. فتصفه الأوساط السياسة والإعلامية المؤيدة له بأنه يعد بمثابة ظاهرة سياسية جديدة في أمريكا. فهو سيكون بداية أول رئيس يحمل البشرة السوداء في تاريخ الولايات المتحدة. وثانيا لتمتعه بكاريزما تؤهله لأداء أدوار قيادية. وثالثا لأنه رغم حداثة عمره فقد حقق اختراقا تجاوز الفوارق العرقية وترك أثرا سياسيا كبيرا في أوساط الحزب الديمقراطي في فترة قصيرة. ورابعا لأنه قدم نفسه منذ بداية الانتخابات التمهيدية كمثال للمواطن الأمريكي المنفتح علي الجميع.
وعلي عكس ماكين. ليس لأوباما أي خلفية عسكرية. فقد حصل علي بكالوريوس العلوم السياسية والعلاقات الدولية في عام .1983 ثم حصل في عام 1991 علي ليسانس الحقوق من جامعة هارفارد. ليعمل بعدها محاضرا في جامعة الينوي في عام .1993
وقد انتخب أوباما في عام 1996 نائبا في مجلس الشيوخ عن ولاية إلينوي بعد أن أصبح أول سيناتور أسود في تاريخ مجلس الشيوخ وواحدا من أصغر أعضائه عمرا. وبعد ذلك انخرط بشكل رسمي في أنشطة الحزب الديمقراطي. وبدأ نجمه السياسي في السطوع منذ نوفمبر عام 2004 حين حصل في انتخابات الكونجرس علي 70% من أصوات الناخبين في ولاية إلينوي مقابل 27% لمنافسه الجمهوري.
ويري العديد من المتخصصين في شؤون السياسة الخارجية الأمريكية أن انحسار السباق الرئاسي بين ماكين وأوباما. يعني أحد أمرين:
أولهما: إما أن تستمر سياسة أمريكا الخارجية علي ذات النهج الإمبراطوري الذي حاول بوش تكريسه في الأعوام السابقة ولكن مع تفادي المزيد من الأخطاء والكوارث التي خلفتها إدارة بوش. ويمثل ماكين. كما الجمهوريون. هذا الاقتراب إذ يربطون بشكل مباشر بين تحقيق الأمن القومي الأمريكي والحرب علي الإرهاب.
وثانيهما: أن يحدث تحول جوهري ليس في طبيعة الأهداف الأمريكية الكبري وإنما في أنماط وأساليب تحقيق أجندة السياسة الأمريكية الخارجية.
ويمثل باراك أوباما هذا الاقتراب. فقد أعلن أنه مع إعادة بناء التحالفات والشراكات الضرورية لمواجهة التحديات والتهديدات المشتركة. ما يعني أن أمريكا لا يجب أن تخوض بمفردها محاولة إيجاد الحلول للنزاعات العالمية الكبري.
وبديلا عن اعتماد القوة الصلبة كأداة مركزية لتحقيق أهداف السياسات الأمريكية. فهو سيحاول أن يعيد الاعتبار لعناصر القوة الرخوة "الناعمة" أو الذكية. ومن ذلك رؤيته لما يعرف ب "الاستثمار في إنسانيتنا المشتركة". وإعلانه أنه إذا أصبح رئيسا لأمريكا. فسيضاعف المساعدات الخارجية السنوية إلي 50 مليار دولار.